ترقيعات الدستور
تكلمنا كثيراً و تكلم الكثيرون عن لا منطقية إجراء تعديل لدستور فاقد الشرعية كدستور 1971 , ولكن ظهرت تساؤلات:
لماذا لا نقبل التعديلات و نعتبر هذا الدستور بعد تعديلة بمثابة إعلان دستوري إلى حين إعداد دستور جديد بعد إتمام الإنتخابات البرلمانية و الرئاسية؟
لا نختلف أن إجراء الإنتخابات في المناخ السياسي الإجتماعي الحالي لن تنتج سوى مجلسي شعب و شويى يقتصر أعضاؤهما على فئتين:
فلول الحزب الوطني في ثياب مختلفة.
الإخوان الذين قبلوا التعديلات الجديدة و أكدوا إنهم لن يتجاوزوا نسبة 30 % من المجلس.
إن عملية الإستفتاء الدستورية عهدناها في جميع الأنظمة السياسية المصرية تُستخدم لتمرير تعديلات على حساب تعديلات أخرى، وهو نفس ما يحدث في الموقف الحالي، وتتكرر العملية الآن عن طريق تمرير العديد من التعديلات السيئة من خلال التصدير الإعلامي للمادة (77) في شكلها الجديد حيث تحدد ولاية الرئيس بفترتين تبلغ كل منهما اربع سنوات.
وتصدير إعلامي لوجوب عمل دستور جديد بعد تولي مجلس الشعب مهامة بستة أشهر.
ولكن ماذا عن الخبايا التي إعتدناها في مواد الدستور المصري المُبجّل؟
1- المادة (75) في شكلها الجديد تُقسّم إبناء الوطن، و تُميز بين المصريين و بعضهم، و تجعلنا نتسائل عن تعريف كلمة مصري؟
و تنزع الفرصة من أبناء مصر الذين عاشوا لفترات خارجها للدراسة أو العمل و تمنعهم عن الترشح في الإنتخابات من أجل خدمة مصر و الإرتقاء بها، كأحمد زويل و فاروق الباز و غيرهم...
2- المادة (76) لا يوجد نسبة و تناسب بين الشروط الواجب توافرها في المُرشح الرئاسي المستقل أو الحزبي، فالمستقل مُطالَب بتأييد 30 مرشح من مجلس الشعب أو الشورى، أو الحصول على 30 ألف تأييد من المواطنين،، أما الأحزاب، فيكفي أن يكون للحزب مقعد واحد في المجلس، ليتمكن أي مرشح لهذا الحزب من خوض الإنتخابات.
كما أن تلك المادة تُلزم الشعب بقبول النتائج فور صدورها، بحيث لا يمكن الطعن على نتيجة الإنتخابات بأي طريقة أو أمام أي جهة.
فهي تُقصر الرقابة الإنتخابية على القضاء، و بالتالي لا يوجد جهة أخرى نحتكم لها إن حدث أي خلل في العملية الإنتخابية و أصبحت نتيجة التصويت مشوبة.
وتلك المادة لا تعطي الفرصة لجميع مؤسسات الدولة في مراقبة الإنتخابات، كالإعلام و مؤسسات المجتمع المدني و الرقابي و الدولي، مما يجعل نسبة الشفافية ضئيلة، و النتائج قابلة للشك.
3- عدم تعديل المادة (87) التي تقتضي بنسبة 50% عمال و فلاحين، تترك الثغرة القديمة التي يدخل منها رجال الداخلية إلى مجلس الشعب بإستمارات تقول إنهم عمال و فلاحون، مما يترتب عليه مجلس شعب يكون عبارة عن أداة لوزارة الداخلية، وتختلط التخصصات و الأهداف و الغايات
4- المادة (93) وهي خاصة بالفصل في صحة عضوية مجلس الشعب، و أعطت هذا الحق للمحكمة الدستورية رغم إنه ليس من إختصاصات تلك المحكمة، فجاء المجلس العسكري قبل الإستفتاء بأقل من أسبوع ليسند تلك المهمة لمحكمة النقض، وهو أمر غريب، حيث أن الشكل النهائي للتعديل غير واضح و صريح حتى الآن!!
5- المادة (149) تلك المادة لا تمنع أن نعيش في حالة طواريء دائمة، فهي تعطي الرئيس الحق في فرض حالة الطواريء لمدة ست أشهر، ولا يجوز مد تلك الفترة إلا بعد إستفتاء الشعبي، ولكن هذا لا يمنع أن تُفرض حالة الطواريء، و بعد نهاية الستة أشهر، تظل مصر بلا حالة طواريء لمدة أسبوع (إستراحة فاصلة)، ثم يعيد الرئيس فرض الحالة مرة أخرى كأنها أول مرة، ولا يُصنّف هذا تمديداً، و بالتالي لا يتطلب إستفتاء شعبي.
6- المادة (189) سبق و نوهنا عن الشكل المتوقع لأعضاء مجلسي الشعب و الشورى القادمين. وتلك المادة ستجعل هذا المجلس المصحوب بعلامات إستفهام من قبل ظهوره، ينتخب لجنة تأسيسية تضع دستور جديد؟
والمادة لم تأت بما يضمن لنا أن تلك اللجنة التأسيسية ستشتمل على تمثيل كامل لجميع فئات و طوائف الشعب المصري، فتظهر لنا المشكلة التي سبق ظهورها في اللجنة التي إختارها المجلس الأعلى للقوات المسلحة،و أدت إلى إنقسام رأي الشعب من قبل بدء التعديلات.
و المادة لم تذكر كيف سيتم إنتخاب تلك اللجنة التأسيسية، و هل سيكون ضمنها أعضاء من مجلسي الشعب و الشورى؟ تلك الصياغة المبهمة، تستم على الخطر، ولنا سوابق كثيرة مع دستورنا المُعطّل.
و تُركت المواد التي تُعطي لأي رئيس صلاحيات قد تُحوّله إلى طاغية، فيمكنه أن يطلب تعديل الدستور لكي يتم فتح مُدد ولايته كرئيس للجمهورية، فيكون وهم الأربع سنوات لفترتين، هو وهم ينتهي بمجرد ظهور مجلس الشعب الجديد.
ويستطيع الرئيس أن يحل مجلسي الشعب و الشورى ليختار مجالس (على مزاجه) و يستطيع أن يقلص الإشراف على الإنتخابات كما يشاء.
والمادة (92) تقول بأن فترة مجلس الشعب خمس سنوات، في حين أن فترة رئاسة الجمهورية أربع سنوات، وهذا تناقض واضح
...
بإختصار، هذا الدستور فاقد الشرعية و المنطقية، لا يصلح حتى بعد ترقيعه أن يكون إعلان دستوري. فإن كنا نريد النهوض بمصر حقاً، لا يجب أن نقبل بالفتات أو أنصاف الحلول.
إما أن نكون، أو لا نكون
مراد حسني
Read more...
لماذا لا نقبل التعديلات و نعتبر هذا الدستور بعد تعديلة بمثابة إعلان دستوري إلى حين إعداد دستور جديد بعد إتمام الإنتخابات البرلمانية و الرئاسية؟
لا نختلف أن إجراء الإنتخابات في المناخ السياسي الإجتماعي الحالي لن تنتج سوى مجلسي شعب و شويى يقتصر أعضاؤهما على فئتين:
فلول الحزب الوطني في ثياب مختلفة.
الإخوان الذين قبلوا التعديلات الجديدة و أكدوا إنهم لن يتجاوزوا نسبة 30 % من المجلس.
إن عملية الإستفتاء الدستورية عهدناها في جميع الأنظمة السياسية المصرية تُستخدم لتمرير تعديلات على حساب تعديلات أخرى، وهو نفس ما يحدث في الموقف الحالي، وتتكرر العملية الآن عن طريق تمرير العديد من التعديلات السيئة من خلال التصدير الإعلامي للمادة (77) في شكلها الجديد حيث تحدد ولاية الرئيس بفترتين تبلغ كل منهما اربع سنوات.
وتصدير إعلامي لوجوب عمل دستور جديد بعد تولي مجلس الشعب مهامة بستة أشهر.
ولكن ماذا عن الخبايا التي إعتدناها في مواد الدستور المصري المُبجّل؟
1- المادة (75) في شكلها الجديد تُقسّم إبناء الوطن، و تُميز بين المصريين و بعضهم، و تجعلنا نتسائل عن تعريف كلمة مصري؟
و تنزع الفرصة من أبناء مصر الذين عاشوا لفترات خارجها للدراسة أو العمل و تمنعهم عن الترشح في الإنتخابات من أجل خدمة مصر و الإرتقاء بها، كأحمد زويل و فاروق الباز و غيرهم...
2- المادة (76) لا يوجد نسبة و تناسب بين الشروط الواجب توافرها في المُرشح الرئاسي المستقل أو الحزبي، فالمستقل مُطالَب بتأييد 30 مرشح من مجلس الشعب أو الشورى، أو الحصول على 30 ألف تأييد من المواطنين،، أما الأحزاب، فيكفي أن يكون للحزب مقعد واحد في المجلس، ليتمكن أي مرشح لهذا الحزب من خوض الإنتخابات.
كما أن تلك المادة تُلزم الشعب بقبول النتائج فور صدورها، بحيث لا يمكن الطعن على نتيجة الإنتخابات بأي طريقة أو أمام أي جهة.
فهي تُقصر الرقابة الإنتخابية على القضاء، و بالتالي لا يوجد جهة أخرى نحتكم لها إن حدث أي خلل في العملية الإنتخابية و أصبحت نتيجة التصويت مشوبة.
وتلك المادة لا تعطي الفرصة لجميع مؤسسات الدولة في مراقبة الإنتخابات، كالإعلام و مؤسسات المجتمع المدني و الرقابي و الدولي، مما يجعل نسبة الشفافية ضئيلة، و النتائج قابلة للشك.
3- عدم تعديل المادة (87) التي تقتضي بنسبة 50% عمال و فلاحين، تترك الثغرة القديمة التي يدخل منها رجال الداخلية إلى مجلس الشعب بإستمارات تقول إنهم عمال و فلاحون، مما يترتب عليه مجلس شعب يكون عبارة عن أداة لوزارة الداخلية، وتختلط التخصصات و الأهداف و الغايات
4- المادة (93) وهي خاصة بالفصل في صحة عضوية مجلس الشعب، و أعطت هذا الحق للمحكمة الدستورية رغم إنه ليس من إختصاصات تلك المحكمة، فجاء المجلس العسكري قبل الإستفتاء بأقل من أسبوع ليسند تلك المهمة لمحكمة النقض، وهو أمر غريب، حيث أن الشكل النهائي للتعديل غير واضح و صريح حتى الآن!!
5- المادة (149) تلك المادة لا تمنع أن نعيش في حالة طواريء دائمة، فهي تعطي الرئيس الحق في فرض حالة الطواريء لمدة ست أشهر، ولا يجوز مد تلك الفترة إلا بعد إستفتاء الشعبي، ولكن هذا لا يمنع أن تُفرض حالة الطواريء، و بعد نهاية الستة أشهر، تظل مصر بلا حالة طواريء لمدة أسبوع (إستراحة فاصلة)، ثم يعيد الرئيس فرض الحالة مرة أخرى كأنها أول مرة، ولا يُصنّف هذا تمديداً، و بالتالي لا يتطلب إستفتاء شعبي.
6- المادة (189) سبق و نوهنا عن الشكل المتوقع لأعضاء مجلسي الشعب و الشورى القادمين. وتلك المادة ستجعل هذا المجلس المصحوب بعلامات إستفهام من قبل ظهوره، ينتخب لجنة تأسيسية تضع دستور جديد؟
والمادة لم تأت بما يضمن لنا أن تلك اللجنة التأسيسية ستشتمل على تمثيل كامل لجميع فئات و طوائف الشعب المصري، فتظهر لنا المشكلة التي سبق ظهورها في اللجنة التي إختارها المجلس الأعلى للقوات المسلحة،و أدت إلى إنقسام رأي الشعب من قبل بدء التعديلات.
و المادة لم تذكر كيف سيتم إنتخاب تلك اللجنة التأسيسية، و هل سيكون ضمنها أعضاء من مجلسي الشعب و الشورى؟ تلك الصياغة المبهمة، تستم على الخطر، ولنا سوابق كثيرة مع دستورنا المُعطّل.
و تُركت المواد التي تُعطي لأي رئيس صلاحيات قد تُحوّله إلى طاغية، فيمكنه أن يطلب تعديل الدستور لكي يتم فتح مُدد ولايته كرئيس للجمهورية، فيكون وهم الأربع سنوات لفترتين، هو وهم ينتهي بمجرد ظهور مجلس الشعب الجديد.
ويستطيع الرئيس أن يحل مجلسي الشعب و الشورى ليختار مجالس (على مزاجه) و يستطيع أن يقلص الإشراف على الإنتخابات كما يشاء.
وتركت مواد تتاقض مع التعديلات، و على سبيل المثال:
.....
المادة (84) فهي تنص على أن البديل لرئيس الجمهورية هو: رئيس مجلس الشعب، و إن كان منحلاً ، فيكون النائب هو رئيس المحكمة الدستورية، و إن قبلنا هذا الإعلان الدستوري، فيجب أن يتنازل المجلس الأعلى للقوات المسلحة عن السشلطة، و يتولاها رئيس المحكمة الدستورية.. فهل سيقبل المجلس الأعلى بذلك؟؟
....والمادة (92) تقول بأن فترة مجلس الشعب خمس سنوات، في حين أن فترة رئاسة الجمهورية أربع سنوات، وهذا تناقض واضح
...
بإختصار، هذا الدستور فاقد الشرعية و المنطقية، لا يصلح حتى بعد ترقيعه أن يكون إعلان دستوري. فإن كنا نريد النهوض بمصر حقاً، لا يجب أن نقبل بالفتات أو أنصاف الحلول.
إما أن نكون، أو لا نكون
مراد حسني