Saturday, September 3, 2011

تعالوا إلى كلمة سواء



لقد ظهرت التشريعات المدنية في الحضارات القديمة من أجل تنظيم العلاقة بين الأفراد و بعضهم في المجتمع، إذن فنحن نملك معادلة من ثلاث متغيرات: فرد، و فرد آخر، و مجتمع...
و كون تلك المعادلة بها متغيرات، فإن ناتجها لا يمكن أن يظل ثابتا أبداً، بل هو يتغير تلقائياً مع حدوث أي إختلاف في أي من تلك المتغيرات الثلاث...
و من الطبيعي أن تلك المتغيرات تسبق زمنياً ظهور الناتج وليس العكس.
هل تظل تلك المتغيرات ثابته على مدار آلاف الأعوام؟
الفرد الأول و لنفترض إنه المسلم، و الفرد الثاني كان مسلم أو مسيحي أو يهودي، و المجتمع كان مجتمع بدائياً (وهذا ثابت في التاريخ)، فهل بقى على نفس الحال؟
بالطبع لا
فقد ظهرت ديانات أخرى، لا يحكم عليها أحداً إلا من واقع تفاعلها الإجتماعي وليس من واقع عقائدها، و ظهرت مذاهب جديدة للديانات القديمة ينطبق عليها نفس ما قلناه عن الديانات الجديدة...
و المجتمع ايضاً يتغير، إقتصادياً و جغرافياً و ثقافياً...
فالتشريعات التي ظهرت في مكان ما، لا يمكن أبداً أن يتم تطبيقها بحذافيرها في مكان آخر!
بأبسط قواعد المنطق يا عزيزي هل يمكن بعد تعديل كل متغيرات المعادلة أن يظل الناتج كما هو؟
إن قلت نعم، فأنك لم تدرس علم الرياضيات منذ يوم ولادتك...
ولإني أخص في كلامي الشريعة الإسلامية التي يريد البعض تطبيقها، فدعني أسوق لك مثالاً:
ظهرت الشريعة الإسلامية في مجتمع بدوى، مهنته الأساسية هي الرعي، و الرعي بطبيعته لا يتفق مع الإستقرار، و لذلك كان المجتمع الرعوي يعيش في خيام و يتنقل من مكان لآخر، فلم يكن عندهم مفهوم السجن، فظهرت عقوبات كالجلد و الرجم و غيرها.. و مع تغيُّر المجتمع و تقدمه و إستقراره ظهرت السجون، فهل نظل نستخدم الجلد و الرجم في ظل وجود السجون؟ مع العلم أن مبدأ سجن المُجرم له مميزات أفضل من العقوبة الوقتيه..
لا تتحدث الشريعة سوى عن عقوبتان فقط لجريمتين هما الزنى و القتل...
فكيف سنستخدم تلك الشريعة في مجتمع ظهرت به جرائم أخرى كجرائم القرصنة الإلكترونية، و عمليات النصب المختلفة، و قانون المرور و غيرها؟
تلك الجرائم التي لم تكن موجودة قديماً بحكم ظروف المجتمع، ولكنها أصبحت موجودة الآن، كيف سيتم الحكم بخصوصها؟
الإجابة الطبيعية: سنضيف لها عقوبات جديدة تتسم مع ما حدث من تغيرات إجتماعية..
أي أن الشريعة الإسلامية سيُضاف لها تشريعات أخرى مدنية جديدة.
وهنا يظهر السؤال الآتي:
إذن ما فائدة مبدأ تطبيق الشريعة الذي تنادي به التيارات الإسلامية إن كانت لا تكفي لحكم المجتمع الآن؟
إن التيارات الإسلامية تستخدم جملة غريبة في حملات الترويج لتطبيق الشريعة وهي: إن تطبيق الشريعة الإسلامية سيحفظ حقوق كل من له ديانة أخرى غير الإسلام..
فإن كان هذا هو سبب تطبيق الشريعة فلتقوموا بعمل إستفتاء لأصحاب الديانات غير الإسلامية لمعرفة رأيهم في تطبيق الشريعة!
وهل أنتم تعرفون مصلحة اصحاب العقائد الأخرى أكثر منهم؟ هل أنتم أوصياء عليهم؟
إن أي شخصاً يعقل ما يقرأ سيطلب بنظام إجتماعي لا سيادة فيه لأحد فئات الشعب لى الفئات الأخرى، نظاما يضمن للجميع المساواة أمام القانون و في الحياة الإجتماعية..
الإشكالية الأخرى: إن تطبيق الشريعة الإسلامية يلزمه ظروف إجتماعية معينة، وهي ظروف تضمن للجميع الحياة الكريمة، حتى يكون من يُطبق عليه الشريعة شاذاً عن المجتمع، ولكن في مصر، فإن أكثر من نصف الشعب يعيش تحت خط الفقر، فالأولى من التيارات الإسلامية الكلام و المطالبة بالإصلاح الإقتصادي قبل المُطالبة بتطبيق الشريعة، فهناك حادثة شهيرة قام فيها عمر ابن الخطاب بتعطيل حد السرقة وقت حدوث مجاعة...
فما الفائدة التي يمكن أن يجنيها المجتمع الآن من تطبيق الشريعة الإسلامية؟
أرجو أن تكون الإجابة في نقاط و أمثلة محددة، و ليس كلاما عاماً إعلامياً لا يزن في المنطق شيئاً..


مراد حسني

Read more...

Monday, March 14, 2011

ترقيعات الدستور


تكلمنا كثيراً و تكلم الكثيرون عن لا منطقية إجراء تعديل لدستور فاقد الشرعية كدستور 1971 , ولكن ظهرت تساؤلات:
لماذا لا نقبل التعديلات و نعتبر هذا الدستور بعد تعديلة بمثابة إعلان دستوري إلى حين إعداد دستور جديد بعد إتمام الإنتخابات البرلمانية و الرئاسية؟

لا نختلف أن إجراء الإنتخابات في المناخ السياسي الإجتماعي الحالي لن تنتج سوى مجلسي شعب و شويى يقتصر أعضاؤهما على فئتين:
 فلول الحزب الوطني في ثياب مختلفة.
 الإخوان الذين قبلوا التعديلات الجديدة و أكدوا إنهم لن يتجاوزوا نسبة 30 % من المجلس.
إن عملية الإستفتاء الدستورية عهدناها في جميع الأنظمة السياسية المصرية تُستخدم لتمرير تعديلات على حساب تعديلات أخرى، وهو نفس ما يحدث في الموقف الحالي، وتتكرر العملية الآن عن طريق تمرير العديد من التعديلات السيئة من خلال التصدير الإعلامي للمادة (77) في شكلها الجديد حيث تحدد ولاية الرئيس بفترتين تبلغ كل منهما اربع سنوات.
وتصدير إعلامي لوجوب عمل دستور جديد بعد تولي مجلس الشعب مهامة بستة أشهر.
ولكن ماذا عن الخبايا التي إعتدناها في مواد الدستور المصري المُبجّل؟
1- المادة (75) في شكلها الجديد تُقسّم إبناء الوطن، و تُميز بين المصريين و بعضهم، و تجعلنا نتسائل عن تعريف كلمة مصري؟
و تنزع الفرصة من أبناء مصر الذين عاشوا لفترات خارجها للدراسة أو العمل و تمنعهم عن الترشح في الإنتخابات من أجل خدمة مصر و الإرتقاء بها، كأحمد زويل و فاروق الباز و غيرهم...

2- المادة (76) لا يوجد نسبة و تناسب بين الشروط الواجب توافرها في المُرشح الرئاسي المستقل أو الحزبي، فالمستقل مُطالَب بتأييد 30 مرشح من مجلس الشعب أو الشورى، أو الحصول على 30 ألف تأييد من المواطنين،، أما الأحزاب، فيكفي أن يكون للحزب مقعد واحد في المجلس، ليتمكن أي مرشح لهذا الحزب من خوض الإنتخابات.
كما أن تلك المادة تُلزم الشعب بقبول النتائج فور صدورها، بحيث لا يمكن الطعن على نتيجة الإنتخابات بأي طريقة أو أمام أي جهة.
فهي تُقصر الرقابة الإنتخابية على القضاء، و بالتالي لا يوجد جهة أخرى نحتكم لها إن حدث أي خلل في العملية الإنتخابية و أصبحت نتيجة التصويت مشوبة.
وتلك المادة لا تعطي الفرصة لجميع مؤسسات الدولة في مراقبة الإنتخابات، كالإعلام و مؤسسات المجتمع المدني و الرقابي و الدولي، مما يجعل نسبة الشفافية ضئيلة، و النتائج قابلة للشك.

3- عدم تعديل المادة (87) التي تقتضي بنسبة 50% عمال و فلاحين، تترك الثغرة القديمة التي يدخل منها رجال الداخلية إلى مجلس الشعب بإستمارات تقول إنهم عمال و فلاحون، مما يترتب عليه مجلس شعب يكون عبارة عن أداة لوزارة الداخلية، وتختلط التخصصات و الأهداف و الغايات

4- المادة (93) وهي خاصة بالفصل في صحة عضوية مجلس الشعب، و أعطت هذا الحق للمحكمة الدستورية رغم إنه ليس من إختصاصات تلك المحكمة، فجاء المجلس العسكري قبل الإستفتاء بأقل من أسبوع ليسند تلك المهمة لمحكمة النقض، وهو أمر غريب، حيث أن الشكل النهائي للتعديل غير واضح و صريح حتى الآن!!

5- المادة (149) تلك المادة لا تمنع أن نعيش في حالة طواريء دائمة، فهي تعطي الرئيس الحق في فرض حالة الطواريء لمدة ست أشهر، ولا يجوز مد تلك الفترة إلا بعد إستفتاء الشعبي، ولكن هذا لا يمنع أن تُفرض حالة الطواريء، و بعد نهاية الستة أشهر، تظل مصر بلا حالة طواريء لمدة أسبوع (إستراحة فاصلة)، ثم يعيد الرئيس فرض الحالة مرة أخرى كأنها أول مرة، ولا يُصنّف هذا تمديداً، و بالتالي لا يتطلب إستفتاء شعبي.

6- المادة (189) سبق و نوهنا عن الشكل المتوقع لأعضاء مجلسي الشعب و الشورى القادمين. وتلك المادة ستجعل هذا المجلس المصحوب بعلامات إستفهام من قبل ظهوره، ينتخب لجنة تأسيسية تضع دستور جديد؟
والمادة لم تأت بما يضمن لنا أن تلك اللجنة التأسيسية ستشتمل على تمثيل كامل لجميع فئات و طوائف الشعب المصري، فتظهر لنا المشكلة التي سبق ظهورها في اللجنة التي إختارها المجلس الأعلى للقوات المسلحة،و أدت إلى إنقسام رأي الشعب من قبل بدء التعديلات.
و المادة لم تذكر كيف سيتم إنتخاب تلك اللجنة التأسيسية، و هل سيكون ضمنها أعضاء من مجلسي الشعب و الشورى؟ تلك الصياغة المبهمة، تستم على الخطر، ولنا سوابق كثيرة مع دستورنا المُعطّل.

و تُركت المواد التي تُعطي لأي رئيس صلاحيات قد تُحوّله إلى طاغية، فيمكنه أن يطلب تعديل الدستور لكي يتم فتح مُدد ولايته كرئيس للجمهورية، فيكون وهم الأربع سنوات لفترتين، هو وهم ينتهي بمجرد ظهور مجلس الشعب الجديد.
ويستطيع الرئيس أن يحل مجلسي الشعب و الشورى ليختار مجالس (على مزاجه) و يستطيع أن يقلص الإشراف على الإنتخابات كما يشاء.

وتركت مواد تتاقض مع التعديلات، و على سبيل المثال:

.....

المادة (84) فهي تنص على أن البديل لرئيس الجمهورية هو: رئيس مجلس الشعب، و إن كان منحلاً ، فيكون النائب هو رئيس المحكمة الدستورية، و إن قبلنا هذا الإعلان الدستوري، فيجب أن يتنازل المجلس الأعلى للقوات المسلحة عن السشلطة، و يتولاها رئيس المحكمة الدستورية.. فهل سيقبل المجلس الأعلى بذلك؟؟

....
والمادة (92) تقول بأن فترة مجلس الشعب خمس سنوات، في حين أن فترة رئاسة الجمهورية أربع سنوات، وهذا تناقض واضح
...
بإختصار، هذا الدستور فاقد الشرعية و المنطقية، لا يصلح حتى بعد ترقيعه أن يكون إعلان دستوري. فإن كنا نريد النهوض بمصر حقاً، لا يجب أن نقبل بالفتات أو أنصاف الحلول.
إما أن نكون، أو لا نكون

مراد حسني

Read more...

Tuesday, January 11, 2011

دورة حوض النيل


دول حوض النيل عبارة عن 10 دول هم:
تنزانيا – بوروندي – رواندا – الكونجو الديمقراطية – كينيا – أوغندا - أثيوبيا – إريتريا – السودان – مصر
ومنذ بدأت مشكلة تلك الدول مع مصر حول حصة كل دولة من مياة النيل سنوياً، و قد إنشقت تلك الدول العشر إلى جبهتان..
مصر و معها السودان، في مُواجهة الدول الثمان الأخرى و على رأسها أثيوبيا.
فقامت مصر في مُحاولة لتوطيد العلاقات مع تلك الدول بتنظيم دورة لكرة القدم، أسمتها دورة حوض النيل، فوافق على الإشتراك في تلك الدورة ستة دول بالإضافة لمصر.
شاركت: السودان، الكونجو، بوروندي، تنزانيا، كينيا،اوغندا،مصر
....
هدف مصر أن تتواصل أكثر مع تلك الدول، ولكن هل النتيجة التي ستتحقق تتطابق مع الهدف المطلوب؟
كلما قل إهتمام الشعوب بالثقافة و السياسة زاد إهتمامهم بكرة القدم إلى حد التعصّب، فعلى كم من الدرجات ستحصل دول حوض النيل في هذا المقياس؟
والتعصب هو حالة نفسيّة، تكشف أن المُصاب بها (وخاصة في مجال الرياضة) هو لا يستمتع بالرياضة التي يُشاهدها، ولكن مُعطيات شخصيته و ثقافته تُترجم هذا الحدث كأنه حرباً بين دولتين، من سيكسب الحرب؟ و من سيخرج مُنكّس الرأس و ذليل؟
لذا فتنظيم مصر لدورة في كرة القدم بين شعوب قد تتناحر قريباً مع مصر على مياة النيل، هو أشبه بحال من يبصق إلى أعلى، فيجد البصقة تحوّلت إلى جالون من المياة العطنة يُمطر عليه..
....
لماذا تُزيد هذه الدورة من حدة المُشكلة؟
بالحالة الثقافية و السياسية لدول حوض النيل، نعرف أن خسارتهم لمباريات كرة القدم في الأحوال العادية أمام فرق عادية، ستجعلهم مُشتعلين غيظاً...
فما بالك لو أن خسارتهم كانت أمام دولة هم على دراية إن بينهم و بينها عداء؟
و فوز مصر في تلك البطولة لا يحتاج إلى نبي ليخبر به، بل هو واضح و جلي..
الرياضة قد تُقارب بين الشعوب عندما يكون مستوى التنافس بين تلك الشعوب متقارب جداً، ولكن في حالة مصر و دول حوض النيل، فإنه لا يجوز المُقارنة بين مُستوى مصر في كرة القدم، و مستويات تلك الدول الأقرب للاعبي مراكز الشباب!
فهل الحل أن تكشف لشعوب تلك الدول إنك تمتلك مهارات أكبر؟ هذا سيزيدهم تمسكاً بمعاداتك في مسألة حصص المياة، فكل طرف يتباهي بما يملكه من مقومات..
....
لو أن إقامة تلك الدورة كان لابد منه، فكيف كان للحكومة أن تُنفذها بطريقة تضمن تطابق النتيجة مع الهدف؟
أولاً: كان يُمكن لمصر أن تُقيم الدورة على ملاعبها كما هو الحال الآن، ولكن بدون أن يُشارك الفريق المصري، أو يتم توزيع الفريق المصري على فرق بقية الدول و يلعب ضمن لاعبيهم في تلك الدورة، فهي دورة تقارب لا تنافس.
ففوز مصر في تلك الدورة سيزيد العداوة مع تلك الدول، أما خسارة مصر، فستجعل تلك الدول تستأسد على مصر!
ثانياً: كان يُمكن لمصر أن تُقدّم بعض الإمتيازات لمشجعي تلك الدول، عن طريق خصومات في تذاكر الطيران، أو توفير أماكن لإقامتهم في مصر بتكاليف مناسبة.
ثالثا: أن يُشارك الجمهور المصري تشجيع تلك الفرق في المدرجات مع مشجعي كل دولة.
وإجراءات كثيرة على هذا المنوال كان يُمكن أن تتخذها مصر لكي تُحقق أعلى نسبة من الإستفادة بتلك الدورة، و بإدمان تلك الشعوب لكرة القدم و لإمتصاص التعصب..
ولكن هيهات، فإتخاذ القرارات في مصر لا يُبنى على أي تفكير، بل على المكاسب المالية التي ستتحقق لبعض الأفراد..
كل تلك محاولات لإنقاذ ما يُمكن إنقاذه من العلاقات بين مصر و دول حوض النيل، فضعف البصر و البصيرة للحكومة المصرية لم يُنذرهم لإحتمالية وقوع إشكالية مثل تلك التي نواجهها الآن..
فلا نحن على وفاق مع دول حوض النيل
ولا نحن على وفاق مع الدول العربية
ولا نحن على وفاق مع إسرائيل
لم نلتزم بجانب واحد، بل رقصنا على السلالم فتركنا الجميع نرقص و ذهبوا لإنهاء أعمالهم

مراد حسني

Read more...

  © Blogger templates Newspaper III by Ourblogtemplates.com 2008

Back to TOP